«مسافة السكة»… المصرية والعربية

«مسافة السكة»… المصرية والعربية

لا شك أن النموذج الإماراتي المصري في العلاقة بين الدول العربية يثير اهتمام بل فضول الكثير من المتابعين والمراقبين والمهتمين بشأن الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل خاص، وربما تركيز وسائل الإعلام الأجنبية على الطريقة التي استقبل فيها الشيخ محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى، الرئيس عبدالفتاح السيسى الأربعاء الماضى، فى أثناء زيارته لأبوظبي كشف محاولات فهم سر هذه العلاقة، فاستقبال الشيخ محمد للرئيس السيسى اتسم بالاريحية والتلقائية والثقة، تخلى فيه الزعيمان عن المظاهر البروتوكولية المعتادة، ونجحا في إظهار مدى تقاربهما.

 ما لا يغيب عن أحد أن علاقة الإمارات بمصر عميقة جدا و قديمة جداً، بنيت على أسس التفاهم والاحترام والمصالح المشتركة، ويتشابه البلدان فى شئ مهم وهو عملهما على إعلاء مصلحة العرب، والعمل على خير ونماء شعوب المنطقة وأمن واستقرار دول المنطقة، أما علاقة الرئيس السيسى بالشيخ محمد بن زايد فكانت أحد أهم أسباب استمرار العلاقة بين البلدين بهذه القوة والمتانة والاستقرار، لذا لم يستغرب المواطن الإماراتى أن يركب الرئيس السيسى طائرته ويهبط بها فى الإمارات بمجرد أن انتهى من التزاماته الرسمية، ليكون فى الإمارات فى وقت حساس جداً، ويرسل من خلالها رسالة مهمة جداً، فوجود الرئيس السيسى فى الإمارات بعد أيام من محاولة ميليشيات الحوثى الإرهابية الفاشلة استهداف المدنيين فى مناطق سكنية فى مدينة أبوظبى بصواريخ باليستية وما سبقتها بأيام من تنفيذ عمليات إجرامية استهدفت مبنى المطار الجديد وصهاريج نفطية في المنطقة الصناعية والتى راح ضحيتها ثلاثة من العمال وأصيب ستة آخرون، بهدف ترويع المدنيين وتخويف المقيمين.. هذا الوجود أكد دعم مصر الكبير ووقوفها إلى جانب الإمارات.

 لذا كانت زيارة الرئيس السيسي مهمة في توقيتها وواضحة فى هدفها، وما أكد أهميتها أنها تزامنت مع وجود ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في أبوظبى، وتم خلال الزيارة عقد قمة ثلاثية إماراتية ــ مصرية ــ بحرينية، كانت رسائلها واضحة للعالم وللمنطقة وقبل ذلك لميليشيات الحوثى، بأن: صواريخكم وإرهابكم لا قيمة ولا تأثير له، فقبل أن يتلاشى غبارها من سماء الإمارات وصلت طائرات القادة العرب لتبدد دخان تلك الصواريخ متحدية عبث الحوثي وألاعيب المقاول الإيراني.

 جاءت زيارة الرئيس السيسى الأخيرة إلى أبوظبى لتترجم على أرض الواقع مقولته الشهيرة (مسافة السكة) وهى أن مصر مستعدة للوقوف إلى جانب دول الخليج ولا تتأخر عنها سوى لقطع مسافة الطريق اليها، وهذا يؤكد أن استعداد مصر للوقوف إلى جانب أشقائها في دول الخليج العربى لم يكن شعاراً وإنما أفعال يراها الجميع، فالشقيقة الكبرى دائما ما تقف إلى جانب أشقائها العرب تدافع عنهم وتنصرهم، لاسيما تلك الدول التي وقفت إلى جانبها فى الوقت الصعب وما يسمى "الربيع العربي".

 موقف مصر قد يدفع أو يغرى الدول العربية بالتفكير فى (مسافة السكة) عندما يتعلق الأمر بأمن واستقرار وسلامة أى دولة عربية، فمن المفيد أن يكون شعار جميع الدول تجاه الأخرى عندما تمر بأزمة حقيقية هو الوقوف بجانبها ومساعدتها وترديد (مسافة السكة) فلا تشعر أى دولة عربية أنها وحيدة فى الأوقات الصعبة وتطمئن بأن العرب سيقفون معها.

 قد تبدو هذه الفكرة بالذات فى الظرف العربى الحالى خيالية أو رومانسية، حيث الدول العربية ليست في أفضل حالاتها من ناحية علاقة وتفاهمها مع بعضها البعض، لكن موقف مصر مع العرب والتجارب الناجحة فى العلاقات التى تربط مصر بالإمارات ومصر بالسعودية والإمارات بالسعودية وهذه الدول بالبحرين، تجعلنا ندعو إلى العمل أو على الأقل الحلم بهذا الخيار وإن كان صعبا، خصوصا أن التجارب أثبتت أن التوافق بين العرب يجعلهم أكثر قوة.

 والتجربة الأخيرة بعد اعتداءات الحوثي على العاصمة أبو ظبي وقبلها الاعتداء على عدة مدن سعودية كشفت أن الأهم فى العلاقات الدولية هو رهان العرب على أنفسهم واعتمادهم على بعضهم البعض، فالضربات الأخيرة التي وجهت للإمارات كشفت أن الغرب لا يمانع أن يتفرج على ما يحدث، وأن إيران التى كانت تدعى الرغبة في التقارب مع الإمارات هللت صحافتها بالضربات التي وجهت للعاصمة والتي قتلت مدنيين، ولم نسمع من النظام الإيرانى أى موقف داعم للإمارات أو تنديد بالهجوم، فقد خيم صمت القبور على طهران!.

 أما تهديد المتحدث الرسمى باسم الميليشيات الحوثية ومحاولة إرهابه دول العالم من خلال التهديد بضرب برج خليفة واستهداف إكسبو 2020، (التهديد الذى يعتبر جريمة ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي) فقد كان الرد عليه عمليا من دول العالم المشاركة في إكسبو، حيث فتحت أجنحتها فى صباح اليوم التالي و استقبلت زوارها دون أن تعير أي اهتمام للتهديدات الإرهابية.. والرد كان أيضا من زوار المعرض الذين توافدوا ــ كالمعتاد ــ بالآلاف يوميا إلى المعرض.. والرد الأكبر كان من اللاعب الدولي كريستيانو رونالدو، الذي تجول فى إكسبو يوم الجمعة الماضي، والتقى بجماهيره في لقاء مفتوح، واحتفل الليلة التي قبلها بعيد ميلاد خطيبته أمام برج خليفة ،وهنأها بنشر صورة ضوئية ضخمة لها على طول برج خليفة

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية